Rumored Buzz on الفضاء الافتراضي



عام الاقتصاد السياسة الادارة العلوم الإسلامية والقانونية

يعتبر الفضاء العمومي الافتراضي في العالم العربي مجالا للممارسة الديمقراطية يساهم بشكل بارز في تشكيل رأي عام ينتقل إلى العالم الواقعي في شكل حركات احتجاجية تؤثر في اتخاذ القرارات والسياسات الموجهة للعامة بداية من موجة الربيع العربي.

إذا كانت الديمقراطية وظيفتها تنظيم وتدبير المجتمع بشكل عام فأهدافها لن تتحقق إلا باشتراك جميع مكوناته، وبتوفير شروط جوهرية لا غنى عنها هي المواطنة ودولة الحق والقانون وقدسية حرية الرأي والتعبير، باعتبار كل ذلك يمثل حياة جماعية قائمة على روابط تشريعية وسياسية وثقافية وإنسانية، وإطارا تبرز فيه الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية اللازمة لممارسة الحرية والمساواة والعدالة، فيما يلعب الإعلام بتكنولوجياته المختلفة دورا محوريا في الديمقراطية من خلال ضمان وتكريس حرية التعبير، وكونه فضاء لتعدد الآراء والمواقف، ومصدرا للمعلومات والمعطيات اللازمة للأفراد والفاعلين ليقوموا بواجبهم كمواطنين، وكذا يعد سلطة للرقابة والتحقيق، فوسائل الإعلام بالتالي هي تعبير عن الديمقراطية وشريك لها.

أشكال جديدة من الفعل الاجتماعي :أفزت مواقع التدوين ومواقع التواصل الاجتماعي والنشر الذاتي في السياق العالمي والعربي فضاءات بديلة تشاركية وتفاعلية تحتضن جماعات افتراضية تكونت حول مشاغل مشتركة اجتماعية وسياسية بشكل أساسي، واحتضنت هذه الفضاءات أشكالا من المداولة والنقاش ذات علاقة وطيدة بالشأن العام، وسمحت للنخب السياسية المهمشة بتجاوز آليات تغييبها من الفضاء العمومي التقليدي الذي تسيطر عليه الدولة، لكن هذه الفضاءات ليست بالضرورة فضاءات للتنوع الفكري والسياسي التي يتناقش فيها المشاركون للاتفاق على معايير مشتركة، فقد يحكمها الانسجام الفكري أين يعبر المشاركون عن أفكارهم وآرائهم، وقد تتسم بالتنافر الفكري والعدائية، وعموما هذه الجماعات الافتراضية اكتسبت قدرة على الفعل في الفضاء الافتراضي من خلال إنتاج مضامين سياسية وثقافية وتداولها بكل حرية بعيدا عن أشكال التضييق المعهودة من السلطة وأعوانها.

قد ينظر إلى رأي الأقلية في الواقع على أنه أغلبية في المجال العام، إذا تصرف أنصارها بحزم كافٍ ودافعوا علنًا عن رأيهم.

وهذا يعني إلزامية النظر نحو التحول الذي طال الفضاء العمومي من معانيه المحددة والعامة، إلى منطقه الافتراضي الجديد الذي يحكمه على أساس أنه يحتمل الوجهين معا كما في إشارات هابرماس الذي كان من السباقين إلى طرح فكرة إلزامية التعامل مع الفضاء العمومي باعتباره حمالا لوجهين وجامع لمعنيين، فهو يضم الفضاءات والأمكنة المعلومة بتلاقي الأفراد والأفكار والرؤى والتصورات والاهتمامات، ولكنه يرتبط أيضا بالفضاءات العنكبوتية الافتراضية التي لا يكون فيها النقاش وطرح الأفكار متخذا شكل "الأغورا" التقليدية.

وقد ارتبط الإعلام والديمقراطية مع بعضهما منذ قرنين ليشكل كل منهما المجال الحيوي للآخر، لذا لا ينتعش الإعلام إلا في جو ديمقراطي مفعم بالحرية، إذ أن الديمقراطية توفر لوسائل الإعلام الظروف الملائمة لنشاطها في حين تخلق تلك الوسائل فرص التعبير وتشكيل الرأي العام مما يساهم في بناء وتنشيط الفضاء العمومي الذي هو الفضاء الفعلي لممارسة الديمقراطية.

عام الجغرافيا التراث الاعلام المكتبات تاريخ وآثار فلسفة وفكر علوم اللغة والأدب

وسائل الإعلام لا تعبر بالضرورة عن رأي الأغلبية، بل تعكس أحيانًا رأي الأغلبية المزيفة التي تروج لها.

النّدوة العلميّة الدّوليّة "الدّين والدّولة في المجال الإسلامي الرّاهن: مقاربات ومطارحات"

وبذلك يتحدى السياق الشبكي الافتراضات الرئيسية للنظرية، ففي الفضاء الافتراضي قد تكون بعض المتغيرات الرئيسية لدوامة الصمت ذات أهمية أقل، لا سيما الخوف من العزلة الاجتماعية؛ لأن الأفراد يمثلون في الواقع جمهورًا مجهولًا.

فمفهوم الاعتراف بوصفه مبدأً مؤسسا للهوية، لا يقف على مستوى تحديدها كهوية "سليمة" أو "محتقرة" عن طريق "حضور" أو "غياب" هذا الاعتراف، بل إنه يكتمل في الحالة التي يتم فيها تحديد أركانه "الأخلاقية" و"السياسية" معا؛ رغم ما يمكن أن يقال على هذا الربط، من عودة محتملة للأطروحة الأرسطية التي سطرها في كتابي "السياسة" و"الأخلاق إلى نيقوماخوس" مثلا، في الجزء المرتبط بربط "السياسي والأخلاقي".

إن حاجة الأفراد إلى الانتماء تتفوق على إرادتهم ورغبتهم في التعبير عن آرائهم الحرة والمستقلة.

ومن باب الإشارة يعد هذا العمل في غاية الأهمية من أجل نور الوقوف على أهم الأسئلة الكبرى التي تطرحها الفلسفة السياسية ضمن موضوعاتها وإشكالاتها ومفاهيمها الأساسية، من قبيل الليبرالية، التعددية، الاعتراف، الديمقراطية، الدولة، الأمة، العلمانية، التسامح، التضامن، المساواة، الأقليات، الهجرة، المواطنة، الاختلاف، الحق، الإنصاف، العدالة، النيوليبرالية، الرعاية الإلهية، السلطة، الجمهورية، الاشتراكية؛ وهو في غاية لأهمية ليس في مسألة طرقه لكل هذه الموضوعات، بل في قدرته الكبيرة على الوصول إلى المفارقات المركزية التي تطرحها الفلسفة السياسية بشكل خاص، والحداثة بشكل عام.

وعلى هذا النحو فإن المجال العمومي العربي عرف توسعا عموديا بظهور الفضاء العمومي الافتراضي الذي تجلت من خلاله شخصيات وقضايا من الحياة اليومية والاجتماعية والسياسية كانت مغيبة عن المجال العمومي التقليدي، وتوسعا أفقيا بانفتاحه على القنوات الفضائية، وارتبط هذا التوسع الأفقي والعمودي بتغيرات ترتبط بشكل وثيق بالتحولات التكنولوجية التي ساهمت في نور الإمارات انحصار دور الدولة وتقليص قدرتها على التحكم في آلية بروز الأفراد والجماعات، فأصبح المجال العمومي الوطني يتكون من فضاءات تشكلها وسائط إعلامية تقليدية وجديدة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *